الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية بين تصريحات رئــيــــــس الــجمهــوريــة وحصة «لـمـن يجرؤ فقط»: هـل وصلـنا مــرحـلـة التطبيع مـع الارهـاب؟

نشر في  07 ديسمبر 2016  (10:56)

لم تمر  الحصة الأخيرة من برنامج «لمن يجرؤ فقط» الذي يقدّمه سمير الوافي على قناة الحوار التونسي مرور الكرام حيث خلفت الكثير من التعاليق وردود الأفعال، والأكيد ان تداعياتها ستتواصل خلال الأيام المقبلة، حيث وجهت عديد الانتقادات والاتهامات الى مقدّم البرنامج خاصة في ما يتعلق بفحوى تلك الحصة، فقد ذهب البعض الى ان الغاية من وراء استضافة «الارهابي التائب» طارق المعروفي كما قدمه فريق اعداد البرنامج، هي تبييض ما قام به المعروفي والتطبيع مع الارهاب، كما اتهم الوافي بدفاعه بصورة غير مباشرة عن آفة الارهاب وذلك من خلال السماح للمعروفي بالحديث عن تجربته، كما رأى طرف آخر أن هذا البرنامج تبنى التصريحات الاخيرة لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. ويذكر أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، قال إن تونس تتخذ كافة الاجراءات الضرورية ليتم تحييد «الجهاديين» التونسيين العائدين من بؤر النزاع في سوريا والعراق. وفي مقابلة له مع وكالة الأنباء الفرنسية،قال السبسي: «إن خطورتهم باتت من الماضي، والعديد منهم يرغبون في العودة، ولا يمكننا منع تونسي من العودة إلى بلاده، هذا أمر يكفله الدستور»، مضيفا :»لكن من البديهي أننا لن نستقبلهم بالأحضان وسنكون يقظين».
وأضاف السبسي :» لن نضعهم جميعا في السجن، لأننا إن فعلنا لن يكون لدينا ما يكفي من السجون، بل سنتخذ الإجراءات الضرورية لتحييدهم».

سلوى الشرفي:  خطة دعائية تهدف إلى تبييض الإرهاب والتطبيع معه

في البداية عبّرت سلوى الشرفي الأستاذة بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار عن استنكارها ورفضها لما وصفته بسياسة تبييض الإرهاب والتطبيع معه التي تجلت في تصريح رئيس الدولة الباجي قايد السبسي وفي حصة «لمن يجرؤ فقط»
واكدت سلوى الشرفي أن رئيس الدولة صرح لوكالة فرانس براس بأن الدستور يسمح للإرهابيين بالعودة إلى بلدهم و نه «لا يمكن سجنهم بسبب نقص في السجون» وانه سيعمل على «شلهم» وهو تصريح خطير لأسباب عدة، على حد تعبيرها، وذلك لأنه يشجع اولا الارهابيين على الدخول الى التراب التونسي وثانيا لان فيه رسالة طمأنة بعدم محاكمتهم بحجة نقص السجون وثالثا لأنه تمويه على الشعب التونسي بكلمة فضفاضة «سنعمل على شلهم» التي قد تعني مجرد مراقبتهم، ورابعا اعتبرت الشرفي أن رئيس الجمهورية تدخل في شؤون القضاء العسكري والمدني لأن ضحايا الإرهاب هم من العسكريين ومن المدنيين، وبالتالي فإن القضاء هو المؤسسة الوحيدة المخول لها أخذ قرار يتعلق بالمجرمين و إيقافهم حال دخولهم إلى أرضنا.
من جهة اخرى اشارت سلوى الشرفي إلى أن  برنامج «لمن يجرؤ فقط» على قناة الحوار التونسي وفر فضاء للإرهابي الخطير طارق المعروفي لتبييض جرائمه وهو المعروف بانتمائه إلى تنظيم القاعدة وبتعاونه مع الإرهابي أبو عياض وانتمائه إلى أنصار الشريعة, وقد كان المعروفي سجن بتهمة المشاركة في اغتيال شاه مسعود سنة 2001 واسقطت عنه الجنسية البلجيكية وهو مسجل على قائمة الإرهابيين الخاصة بمجلس الأمن الدولي,
وذكرت الاستاذة سلوى أن تصريح رئيس الدولة الذي استتبعه منح مجال في وسيلة اعلام جماهيرية لإرهابي لا يمكن ان يكون مجرد صدفة وانما هي خطة دعائية تهدف إلى تبييض الإرهاب واقناع الشعب التونسي بالتطبيع معه.
وأكدت محدثتنا أنه ونظرا للخطورة الكبرى لمثل هذه الخطة من الضروري التصدي لها بكل الوسائل المشروعة
و دعت كافة المنظمات والاحزاب الوطنية إلى أخذ موقف واضح من هذه القضية والعمل على توعية التونسيين بخطورة ما يحدث وتجنيدهم للوقوف ضد هذه الدعاية، على حد تعبيرها .

يوسف الوسلاتي: الاعلام الموجه تبنى تصريحات السياسيين

أما الاعلامي يوسف الوسلاتي فذكر في البداية أنه لا توجد أي جهة سياسية مخول لها اليوم الحديث عن الوئام المدني، دون الرجوع الى البرلمان، مضيفا أن هذه المسألة مرتبطة بعرضها على البرلمان والمصادقة عليها، وأن تكون محور نقاش وطني، وذكر الوسلاتي ان التصريحات الاخيرة وخاصة تلك الصادرة عن رئيس الجمهورية، والتي جاء فيها أن السجون التونسية لا يمكنها استيعاب الارهابيين العائدين من سوريا، وذكر الوسلاتي أن هذه الذريعة تنم عن عدم رغبة في تتبع الارهابيين، مؤكدا ان المكان الطبيعي للارهابي هو السجن، مؤكدا أن الدولة التي لا تطبق هذه القوانين هي دولة ضعيفة.
وذكر يوسف الوسلاتي أن هذه التصريحات تتناغم مع ما كانت تقوم به الترويكا، حيث سعت آنذاك الى استعادة المحكومين عليهم بالاعدام في العراق وليبيا، مشيرا الى أنه لا يحق لأي حزب أو شخصية سياسية أن تقرّر مصير المجموعات الارهابية، وبيّن الوسلاتي أن الاعلام الموجه تبنى هذه التصريحات والتقط الاشارات وانطلق في التفعيل وعمليات التطبيع مع الارهابيين مؤكدا أنّه تم تسخير بعض وسائل الاعلام لخدمة هذه الفكرة .

زياد الهاني: المواضيع الخطيرة تحتاج الى تعاط مختص

من جهته بين الاعلامي زياد الهاني، أن استضافة طارق المعروفي، كانت مهمة وأن الموضوع هام نظرا للحقائق التي كان بالامكان الظفر بها من خلال هذه الشخصية المثيرة للجدل، مشيرا الى أن الاشكال كان في الاطار الذي طرح فيه الموضوع، لأن مثل هذه المواضيع الجدية والخطيرة تحتاج حسب ما اكده زياد الهاني الى تعاط جدّي ومختص، مبينا ان مقاطعات الوافي لضيفه في اكثر من مناسبة وفي اكثر من موضوع هام دلّ على عدم القدرة على محاورة هذا الضيف، وهو ما خلق نوعا من الازعاج قائلا : للأسف تلك هي حدوده».

هادي يحمد: تسمية طارق المعروفي بالتائب ليست بدعة إعلامية

وباتصالنا بالاعلامي هادي يحمد ذكر أن لفظة التائبين هي تسمية دارجة بالنسبة لأفراد الجماعات الاسلامية الذين قاموا بمراجعات وتخلوا عن افكارهم الجهادية، مضيفا أن الذين تابعوا التجربة المصرية والليبية في قضية المراجعات والتغطية الإعلامية التي رافقت المسألة يعلمون ان وسائل الاعلام كما السلط السياسية استعملت هذا المصطلح، مبينا ان وصف طارق المعروفي بالتائب ليست بدعة إعلامية جاءت بها قناة الحوار التونسي، وذكر هادي يحمد انه يمكن كذلك الاستدلال بقانون التوبة الجزائري في نفس الإطار، موضحا انه وبعيدا عن ردود الأفعال الشعبوية تجاه مسألة مراجعة الإرهابيين لأفكارهم يمكن القول ان القضية تستدعي تفكيرا ومعالجة جدية وحقيقية لان المعالجة الأمنية اثبتت محدوديتها.

سمير الوافي: نجاح الحوار التونسي وراء هذا الحقد

وفي رده على كل الاتهامات التي طالته، أكد سمير الوافي أن  طارق المعروفي ظهر في عشرات القنوات قبل قناة الحوار التونسي حيث سبق ان تمت دعوته بقناة تي أف 1 وفي أم 6 وفي فرانس 2 وفي سي ان ان اضافة الى قنوات أمريكية أخرى، حاورته وعرضت تفاصيل تجربته
كما ذكر الوافي أن المعروفي حضر أيضا في قناة نسمة ثم قنوات تونسية أخرى أيضا قبل استضافته ببرنامج «لمن يجرؤ فقط»، مشيرا الى أن الاشكال ليس مع طارق المعروفي، بل مع قناة الحوار التونسي التي عذبهم تفوقها ونجاحها على حد تعبيره، موضحا ان البعض مستاء من نجاح قناة الحوار التونسي منذ سنوات وان هؤلاء سيواصلون في المستقبل تصيّد القناة بحنق وحقد وغل، حسب ما جاء على لسانه ...

محمد الحامدي: تصريحات رئيس الجمهورية خطيرة جدا

ورأى محمد الحامدي أن التصريحات التي جاءت على لسان رئيس الجمهورية خطيرة جدا، وتنم على عدم مسؤولية وعدم مراعاة الظروف التي تمر بها البلاد، وذكر الحامدي، انه لا بد من الاتعاض بتجربة الأفغان العرب في الجزائر، مشيرا إلى أن توريط تونس في محور الحزب الاسلامي لمقاومة الارهاب والذي تقوده السعودية قد يقودنا الى الهلاك، وذلك لأن هذا المحور تحوم حوله عديد الشبهات في علاقته بالارهاب .
وافادنا الحامدي، أن قانون التوبة هو مصطلح ديني بالاساس، مضيفا ان لا مجال للحديث عن ادماج الارهابي في المجتمع، لأن جرائمه يعاقب عليها القانون، ومن الضروري معاقبته، ثم الحديث عن توبته، كما بين محدثتنا ان تصريحات الرئيس تدخل في خانة الافلات من العقاب، كما وضح ان كل التجارب السابقة في احتضان الارهابيين في جل الدول باتت بالفشل، ويجب ان نتعض منها لا ان نرسخها على حدّ تعبيره.

سمير ديلو: نحن غير جاهزين للقيام بعملية فرز للارهابيين

وفي تصريح اذاعي اكد النائب بمجلس نواب الشعب سمير ديلو ان كل من خالف القانون وارتكب جريمة يجب ان يعاقب عليها مضيفا في المقابل أن هناك مجموعة من الارهابيين يمكن استرجاعها في حين هناك مجموعة اخرى تلطخت ايديها بالدماء ومكانها الطبيعي هو السجن لانها تشكل خطرا على المجتمع .
ورأى ديلو أننا غير جاهزين اليوم للقيام بعمليات فرز للارهابيين وادماجهم في المجتمع.

 محمد اليوسفي: ظهور المعروفي خطوة يمكن ان تشجع غيره على المراجعة الفكرية

وفي اتصال مع الاعلامي محمد اليوسفي الذي حضر الحلقة الأخيرة من يرنامج «لمن يجرؤ فقط»، رأى أن استضافة طارق المعروفي لها عديد الجوانب الايجابية، خاصة أن اعلان هذا الشخص الذي كان متهما في قضايا ارهابية قيامه بمراجعات تساعد على اندماجه في الحياة المدنية بعيدا عن الخطاب التكفيري .
وذكر اليوسفي ان الحلقة الاخيرة اخذت حجما اكبر من حجم المعروفي بكثير، حيث ان هذا الشخص لم يكن عنصرا ارهابيا خطيرا مقارنة ببـن لادن والزرقاوي أي أنه لم يكن في الصفوف الاولى، موضحا انه لا بد من الاستفادة من تجربته لا غير .
واكد محدثنا أن المعروفي شأنه شأن الكثير من الشباب التونسي رأى في فترة معينة أن الجهاد هو طريق الخلاص قبل ان يراجع افكاره، مضيفا انه لا بد من النسج على المنوال السعودي والمصري والمغربي بمعنى أن عمليات المراجعة بامكانها المساعدة على استقطاب العناصر الارهابية واعادة ادماجهم، مبينا ان الدولة مطالبة بالاستفادة من هذه التجارب واعتبار المعروفي سلاحا مضادا ضدّ العناصر التكفيرية ولاعادة الشباب المتأرجح والذي لم يحدد موقفه بعد
وافادنا اليوسفي ان الانتقادات صبت في مجملها على طريقة التعامل مع هذا الشخص، مؤكدا ان المعروفي قبل بالظهور مع سمير الوافي رغم معرفته بطبيعة البرنامج والاسئلة التي قد تطرح عليه، كما ذكر انه لا يمكن بأي حال من الأحوال لوم اعلامي نتيجة بحثه عن السبق، وبين اليوسفي ان اقدام طارق المعروفي على المجازفة والظهور رغم تهديدات داعش له ، هي خطوة قد تشجع غيره على القيام بمراجعات فكرية .
وختم محدثنا كلامه بتأكيده أن المعروفي عاد الى تونس منذ 3 سنوات وانه كان متاحا للجميع وبالتالي ليس ذنب البرنامج انه فكر في دعوته والحال انه لا يوجد اي مانع قانوني لذلك، ولئن اكد ان ظهوره لم يحقق استفادة كبيرة ومنتظرة لكنها خطوة أولى وشجاعة .
 

ملف من اعداد : سناء الماجري